أعطوا الطريق حقها عندما قَالَ النَّبِيِّ : " إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الطُّرُقَاتِ " ؛ حسمًا لما قد يقع من المخالفات ؛ فالحكمة في النَّهْي عَنْ الْجُلُوس فِي الطُّرُق أن المرء بجلوسه يتَّعَرُّض لِلْفِتَنِ ، فإنه قد ينظر إلى النساء ممن يخاف الفتنة على نفسه من النظر إليهن مع مرورهن ؛ وَكذلك التَّعَرُّض لِحُقُوقِ اللَّه وَالْمُسْلِمِينَ مِمَّا لَا يَلْزَم الْإِنْسَان إِذَا كَانَ فِي بَيْته ؛ وَكذلك مِنْ رُؤْيَة الْمَنَاكِير ، وَتَعْطِيل الْمَعروف ، فَيَجِب عَلَى الْمُسْلِم الْأَمْر وَالنَّهْي عِنْدَ ذَلِكَ ، فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْمَعْصِيَةِ ؛ وَكَذَا يَتَعَرَّض لِمَنْ يَمُرُّ عَلَيْهِ وَيُسَلِّم عَلَيْهِ ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا كَثُرَ ذَلِكَ فَيَعْجِز عَنْ الرَّدّ عَلَى كُلّ مَارٍّ ، وَرَدُّ السلام فَرْض فَإن لم يرد يَأْثَم | إِغاثة الْمَلْهُوف من آداب الطريق : إغاثة الملهوف ، وهو المكروب المضطر الذي قد شغله همه بحاجته عن كل ما سواها ، فتراه يستغيث ويتحسر ؛ مأخوذ من اللَّهَفُ ، وهو الأَسَى والحُزْنُ والغَيظُ ؛ ويقال : لَهِفَ لَهَفًا فهو لَهفانُ ، وقد لُهِف فهو مَلْهُوف ، أي : حزين متحسر ، قد ذَهَب له مالٌ أو فُجِع بحميم |
---|---|
وهذه الأحاديث ظاهرة في فضل إزالة الأذى عن الطريق ؛ سواء أكان الأذى شجرة تؤذي ، أو غصن شوك ، أو حجرًا يعثر به ، أو قذرًا أو جيفة أو غير ذلك ؛ وفيها - أيضًا - التنبيه على فضيلة كلِّ من نفع المسلمين أو أزال عنهم ضررًا | وفي صحيح مسلم عَنْ جَابِرٍ قَالَ : اقْتَتَلَ غُلاَمَانِ : غُلاَمٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَغُلاَمٌ مِنَ الأَنْصَارِ ، فَنَادَى الْمُهَاجِرُ أَوِ الْمُهَاجِرُونَ : يَا لَلْمُهَاجِرِينَ! إماطة الأذى عن الطريق من الإيمان غَضُّ الْبَصَرِ كَفُّ الأَذَى رَدُّ السَّلاَمِ إفشاء السَّلاَمِ الأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ والنَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ تشميت العاطس إذا حمد الله إدلال السائل - إرشاد السبيل هداية الأعمى حسن الكلام إغاثة الملهوف |
غض البصر أمر الله سبحانه وتعالى عباده أثناء استخدام الطريق، فقال تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ 30 وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ، فقد يؤدي النظر من الرجال للنساء أو من النساء للرجال إلى الوقوع في المحرمات خاصةً الزنا، وقد حرم الله سبحانه وتعالى كلّ ما يؤدي للوقوع في الزنا.
يعمل تحقيق آداب الطريق على وجود ألفة بين الناس ومحبة عظيمة بينهم | أو يرتقي به الحال فيصير يفتخر بالمعصية ويتباهى بها، ويحدث بها من لم يعلم الناس أنه عملها! وعند الطبراني في المعجم الكبير للطبراني عن وَحْشِيُّ بن حَرْبِ رَضِي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ : " لَعَلَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ بَعْدِي مَدَائِنَ عِظَامًا ، وتَتَّخِذُونَ فِي أَسْوَاقِهَا مَجَالِسَ ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَرُدُّوا السَّلامَ ، وَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِكُمْ ، وَاهْدُوا الأَعْمَى ، وَأَعِينُوا الْمَظْلُومَ " 8 |
---|---|
ـثْ لَهْفَان اِهْدِ سَبِيلًا وَاهْدِ حَيْرَانَا بِالْعُرْفِ مُرْ وَانْهَ عَنْ نُكُر وَكُفَّ أَذَىً | ويعتبر الطريق بمثابة المرفق العام لكل الناس وهو ملك للجميع، ويستخدمه كل الناس، ولا يستطيع أحد أن يستغنى عنه |
كَفُّ الأَذَى من حق الطريق وآدابه : لزوم كف الأذى ، والمراد به السلامة من التعرض إلى أحد بالقول والفعل مما ليس فيهما من الخير ؛ أي : الامتناع مما يؤذي المارة من نحو احتقار وغيبة ، أو غير ذلك من الإيذاء القولي والفعلي ؛ فلا يجلس حيث يضيق عليهم الطريق ، أو على باب منزل من يتأذى بجلوسه عليه ، أو حيث يكشف عياله أو ما يريد التستر به من حاله ونحو ذلك ؛ ولا يؤذي المارين بقول ولا فعل ؛ وفي الصحيحين عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ قَالَ : " عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ " ؛ قِيلَ : أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَجِدْ ؟ قَالَ : " يَعْتَمِلُ بِيَدَيْهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ " ؛ قِيلَ : أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ ؟ قَالَ : " يُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ " ، قِيلَ : أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ ؟ قَالَ : " يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ أَوِ الْخَيْرِ " قِيلَ : أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ ؟ قَالَ : " يُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ " 1 ؛ ومعنى : " يُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ " أي : صدقة على نفسه ، والمراد أنه إذا أمسك عن الشر لله تعالى كان له أجر على ذلك ، كما أن للمتصدق بالمال أجر.
وكذلك توعية الأطفال خاصة بقواعد السير في الطرقات، لتجنب أولادنا هذه الحوادث | وَالْمَرْء مَأْمُور بِأَنْ لَا يَتَعَرَّض لِلْفِتَنِ وَإِلْزَام نَفْسه مَا لَعَلَّهُ لَا يَقْوَى عَلَيْهِ ، فَنَدَبَهُمْ الشَّارِع إِلَى تَرْك الْجُلُوس حَسْمًا لِلْمَادَّةِ ، فنهيه عن الجلوس في الطرقات لئلا يضعف الجالس عن الشروط التي ذكرها بعد ، والتي هي حق الطريق |
---|---|
هذا والعلم عند الله تعالى | وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُتْ " 1 ؛ وفيهما عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ : " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ " 2 |
خامساً: دور الدولة ووسائل الإعلام للتوعية بحق الطريق يتوجب على الدولة وكذلك وسائل الإعلام على، توعية المواطنين بالآداب المرورية، وذلك للحفاظ على سلامة المواطنين، ففي الآونة الأخيرة زادت حوادث المرور، وكان ذلك نتيجة، السلوكيات الخاطئة التي يقوم بها الناس في الطرقات وفي المرور.
12