فهل أنبئك بما يرفعك الدرجات الرشيدة، ويبلغ بك المنازل الرفيعة، وكلما كنت به متمسكا، و بما فيه عاملا إزددت قدرا ورفعة، وعزا وسعادة؟! لسان حاله ومقاله: اقبل معاذير من يأتيك معتذرا | |
---|---|
وقد قيل: من لم يصطل بحر الهيجاء، لن يصل يوما إلى برد المغنم | تواضع تكن كالنجم لاح لناظر |
وفي هذا اليوم العظيم ـ يوم الفتح الأكبر ـ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وهو خافض رأسه تواضعًا لله، حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح، حتى إن ذقنه ليكاد يمس واسطة الرحل، ودخل وهو يقرأ سورة الفتح مستشعرًا نعمة الفتح وغفران الذنوب، وإفاضة النصر العزيز, فهذا الفتح المبين يذكره بماض طويل الفصول: كيف خرج مُطارَدًا؟ وكيف يعود اليوم منصورًا مؤيدًا؟، وأي كرامة عظمى حفه الله بها؟، وكلما استشعر هذه النعمة ازداد لله خشوعًا وانكسارا، وانحناء وتواضعا.
20وهنيئا لكل أواه من خوف العقاب أواب، تواب إلى نيل الثواب وثاب، ركاض خيله في حلبات الطاعة، رواض نفسه على بذل الاستطاعة | العفو الجميل : لقد دخل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مكة دخول نبي كريم، دخول من أرسله الله رحمة للعالمين، ولم يدخل دخول المنتصرين الجبارين الذين يبطشون وينتقمون من أعدائهم الذين أخرجوهم من ديارهم وأموالهم وآذوهم وقاتلوهم، بل قابل ذلك بالعفو الكريم، والصفح الجميل، ولو شاء أن يثأر وينتقم لفعل، ولكن هذا ليس من طبعه ولا من أخلاقه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، الذي سبق أن جاءه ملَكُ الجبال فعرض عليه أن يطبق على من آذاه الجبلين، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا رواه البخاري |
---|---|
فأبق على نفسك واربع، فهذه نصيحة مودع، قد سارت به المراحل، وبلغ من الحياة الساحل، إننا عن قريب سنرد المورد الذي ليس لأحد عنه مصدر، ولا زيد من عمرو بوروده أجدر؛ فاتقي النواهي التي نصت، وتجنبت العظائم التي قصت، والحذر أن تكون ممن رضت نفسه مع الرائضين، وخاض هو مع الخائضين | إنّ العفو والتسامح خُلُقان كريمان تحتاجهما النفس البشرية لتتخلّص من كل الشوائب التي قد تعلق في القلب من أثر الأذى، وكذلك لينعم الأفراد بالخير والحب وانشراح الصدر، وهما إنّما يتحقّقان بطولِ صبرٍ وكظمٍ للغيظ واحتساب الأجر عند الله سبحانه وتعالى، ولا ريب أنّ تغليب العفو والتسامح على العقاب ينجّي الأفراد من المنازعات الحادة التي قد تنشأ بينهم، إلّا إذا تمادى أصحاب الأذى مع كثرة العفو وتكرّر ظلمهم وإساءتهم؛ فَعَلى المسلم أن يكون فَطِنًا يَقدُر للأمور قدرها فيكون الإصلاح في هذه الحالة أولى من العفو والتسامح لدفع الضرر الحاصل |
مفهوم العفو والتسامح والعلاقة بينهما مفهوم العفو العفو: لغة: المحو والطمس، واصطلاحا: هو التجاوز وإسقاط العقوبة عن المذنب المستحق للعقوبة، مع وجود القدرة على إنزالها به مع التوبيخ واللوم.
4