حكم سب الدهر. ما حكم من يسب ويشتم القدر

وورد عنه ص "لا تسبوا الدنيا فإن فيها تصلون وفيها تصومون وفيها تعملون" أغلب التفاسير والأدلة جاءت أن الأشخاص الذين يقومون بسب الدهر نتيجة للأحداث التي جرت في هذا الوقت يكون سبب اعتقادهم أن الدهر هو المسئول عن هذه الأحداث ويجهل الكثيرون أن الله عز وجل هو المدبر وأن من يسب الدهر كمن سب الله عز وجل لذلك يجب الحذر أثناء التفوه بأي من أنواع هذا الكلام لأنها تندرج تحت الشرك بالله عز وجل
القسم الأول : أن يقصد الخبر المحض دون اللوم : فهذا جائز مثل أن يقول " تعبنا من شدة حر هذا اليوم أو برده " وما أشبه ذلك لأن الأعمال بالنيات واللفظ صالح لمجرد الخبر انه متضمن للشرك فإنه إنما سبه لظنه انه يضر وينفع

حكم سب الدنيا والدهر

ما تضمنه من الاعتراض على قضاء الله وقدره.

2
الفرق بين سب الدهر ووصفه بالأمثلة
أحداها: سبه ممن ليس أهلاً للسب، فإن الدهر خلق مسخر من خلق الله منقاد لأمره متذلل لتسخيره فسابه أولى بالذم والسب منه
لا يعد هذا من سب الدهر
قال الإمام البغوي في تفسيره: "وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: أَنَّ الْعَرَبَ كَانَ مِنْ شَأْنِهِمْ ذَمُّ الدَّهْرِ، وَسَبِّهِ عِنْدَ النَّوَازِلِ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَنْسُبُونَ إِلَيْهِ مَا يُصِيبُهُمْ مِنَ الْمَصَائِبِ وَالْمَكَارِهِ، فَيَقُولُونَ: أَصَابَتْهُمْ قَوَارِعُ الدَّهْرِ، وَأَبَادَهُمُ الدَّهْرِ
لا يعد هذا من سب الدهر
كما قال الشيخ صالح آل الشيخ في كتابه كتاب التوحيد أنه عندما يقوم الشخص بوصف الدهر أو السنين بالشدة أو الصعوبة فذلك لا يعتبر سب للدهر ولكن هو وصف وتعبير من هذا الشخص عن الصعوبة التي واجهها خلال هذه السنين، كما أن الشيخ في كتابة قام بتصنيف الأيام بالنحس أو السواد أن ذلك ليس سب ولا يعتبر من إثم سب الدهر وإنما هو وصف أيضاً واستدل على ذلك من كتاب الله عز وجل : في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي صدق الله العظيم، حيث أن المقصود بالنحسات هنا وصف الأيام بالنحس لأنها كانت مليئة بالأحداث الغير مستحبة، فذلك لا يعتبر سب للدهر وإنما هو مجرد وصف لها حيث قام الفاعل بإضافة الفعل في هذه الأيام إلى الزمان وهو الدهر والأيام
والدهر ليس له من الأمر شيء، فمسبتهم للدهر مسبة لله عز وجل ولهذا كانت مؤذية للرب تعالى فسابُّ الدهر دائرٌ بين أمرين لا بد له من أحدهما: إما مسبة الله أو الشرك به، فإنه إن اعتقد أن الدهر فاعل مع الله فهو مشرك، وإنِ اعتقد أن الله وحده هو الذي فعل ذلك، وهو يسب من فعله فهو يسب الله تعالى فينبغي أن يعلم أن ما يحصل للعبد هو بتقدير الله - تعالى - وأمره وخلقه، وليس للدهر ولا لغيره تصرف في ذلك
ان السب في حقيقة الأمر يقع على من فعل هذه الافعال وهو الله عز وجل فاتقوا الله ربكم، واحذروا ما فيه خلل توحيدكم من الأقوال والأفعال؛ فإن العبد إذا فقد التوحيد الصحيح فقد السعادة

ما ضابط سب الدهر؟

القسم الثاني : أن يسب الدهر على أنه هو الفاعل كأن يقصد بسبه الدهر أن الدهر هو الذي يقلِّب الأمور إلى الخير أو الشر : فهذا شرك أكبر لأنه اعتقد أن مع الله خالقا حيث نسب الحوادث إلى غير الله.

16
حكم سب الدهر، وهل منه حديث: (الدنيا ملعونة)؟
وقد يشابه بعض المسلمين المشركين في سبهم للدهر لا لاعتقادهم أنه هو الفاعل، بل يعتقد أن الله هو الفاعل؛ لكنه يسب الدهر لهذا الأمر المكروه عنده، فهذا محرم ولا يصل إلى درجة الشرك؛ لأنه يعتقد أن الله هو الفاعل
ما معنى لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر
وهذا الكلام مناف لكمال التوحيد، وكمال الإيمان بالقدر، فإن القدر لا يلهو، والزمن لا يعبث، وإن كل ما يجري في هذه الحياة هو بتقدير الله وعلمه، والله سبحانه هو الذي يصرف الليل والنهار، وهو الذي يقدر السعادة والشقاء، حسب ما تقتضيه حكمته وقد تخفى تلك الحكمة على الناس؛ لأن علمهم محدود، وعقولهم قاصرة عن إدراك تلك الحكمة الإلهية، وكل ما في الوجود مخلوق لله، خلقه بمشيئته وقدرته، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وهو الذي يعطي ويمنع، ويخفض ويرفع، ويعز ويذل، ويغني ويفقر، ويضل ويهدي، ويسعد ويشقي، ويولي الملك من يشاء، وينزعه ممن يشاء، وقد أحسن كل شيء خلقه، وكل أفعال الخالق وأوامره ونواهيه، لها حكمة بالغة وغايات محمودة، يشكر عليها سبحانه، وإن لم يعرفها البشر لقصور إدراكهم
حكم سب الدهر
وقول : "يا خيبة اليوم الذي رأيتك فيه" إذا قصد يا خيبتي أنا ، فهذا لا بأس فيه ، وليس سبا للدهر ، وإن قصد الزمن أو اليوم فهذا سب فلا يجوز" انتهى
فالحذر الحذر أيها الإخوة، فالصراع صراع عقائد، ولْيَزِنْ كلُّ مسلم ألفاظه؛ حتى تكون ألفاظًا شرعية بعيدة عما يخل بدينه وتوحيده، ألا وصلوا وسلموا على محمد بن عبدالله كما أمركم بذلك ربكم وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم:
وهذا أحسن ما قيل في تفسيره ، وهو المراد

حكم سب الدهر

وهذا للأسف يحصل عند بعض المسلمين، فيسب اليوم الذي حصلت فيه المصيبة الفلانية، أو الساعة التي عرف فيها فلانًا، أو الشهر أو السنة أو الوقت الذي حصل فيه كذا و كذا.

9
حكم سب الدنيا والدهر
القسم الثالث : أن يسب الدهر ويعتقد أن الفاعل هو الله ولكن يسبه لأجل هذه الأمور المكروهة : فهذا محرم لأنه مناف للصبر الواجب وليس بكفر ؛ لأنه ما سب الله مباشرة ، ولو سب الله مباشرة لكان كافراً
حكم سب الدهر
وإنما هو محرم لما يقتضيه سبه للدهر من مسبة الله عز وجل ولم يكن ذلك كفرًا لأنه لم يسب الله تعالى مباشرة
حكم سب الدنيا والدهر
جاء الحديث السابق عندما كثر سب الدهر في أيام الجاهلية حيث كان العرب في ذلك يكثرون من قول ياخيبة الدهر كلما أصابتهم مصيبةً ما، كان العرب يقومون باستناد ذلك إلى الدهر ويسبونه، فجاء ذلك الحديث يوضح لهم أن الله هو الدهر لأن انقلاب الليل والنهار بيد الله عز وجل وأيضاً كل الأفعال التي تصيب الأشخاص من تدبير الله وحكمته حيث أنه الفاعل الحقيقي لكل ذلك الله عز وجل فهو المتحكم في أمور الكون والبشر يسندون إليه في جميع أمور حياتهم لذلك لا يجب أن يسب الكون والدهر من قبل البشر، وتفسير الأدلة عن سب الدهر جميعها تعود إلى أن الله صاحب الدهر ومدبر وجميع شئون البشر تسير تحت تحكمه لذلك حين يعترض الأشخاص على أحداث الدهر التي لا تناسبهم ويبدأون في سب الدهر فذلك يعني سب الرب فهو المسئول عن جميع أحداث الدهر