لسنا هنا أمام صراع بين الصقور والحمائم، فهذا توصيف خارجي لمواقف وآراء سياسية، يمنح وهما بوجود تيارين قويين يتصارعان داخل الحلبة السياسية الإيرانية، وإذا كان ثمة فروق بين رؤيتين داخل إيران، فإنها لا تصل إلى حد القول بوجود تيارين استراتيجيين متعارضين، وقد بينت الأحداث دائما سقوط آراء ومواقف الإصلاحيين على صخرة المحافظين، وما تسريبات ظريف بهيمنة المستوى العسكري على المستوى السياسي، إلا دليلا على سطوة المرجعية الدينية داخل النظام الثيوقراطي | والهدف من ذلك مواصلة السيطرة الدولية على البرنامج النووي الإيراني السلمي، ومنع تنفيذ أي برنامج لصناعة الأسلحة النووي بأي حال من الأحوال |
---|---|
قبل أسبوعين، وفيما كان الضغط على ظريف في موضوع المفاوضات النووية يأخذ منحى جديدا في الميدان السياسي الداخلي، هدد بشكل واضح أمام لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإسلامي بأن المزيد من الضغط عليه وربط المفاوضات الجارية بأهداف انتخابية، لا سيما مع تأكيده في مناسبات عديدة على عدم خوضه الانتخابات، سيكون له أثرا عكسيا | ومن ساعتها، لم تهدأ التعليقات، والتكهنات، بل والإجراءات الحكومية بهذا الشأن |
وهذا موقف ديمقراطي حقيقي تجاه السياسات الداخلية للدول الأخرى، فاختيار قيادة البلاد، وخطّها السياسي، وعلاقاتها الودية أو غير الودية مع البلدان الأخرى تقررها شعوبها ومجتمعاتها على أساس المساواة العالمية وأقصى قدر من الانفتاح على جميع الأطراف.
13لا يعني كلام ظريف أنه يرفض تحول وزارة الخارجية إلى مجرد منفذ آلي لقرارات المستوى العسكري فحسب، بل إنه اكتشف من خلال تجربته الطويلة أن المستوى العسكري يعرقل كثيرا ما يمكن للدبلوماسية أن تحققه، ولذلك، لم يطالب بإلغاء الدور العسكري، وإنما جعله مكملا للسياسي، لا العكس، فالحرب امتداد للسياسة، لا السياسة امتداد للحرب | في سابق السنوات وجه بعض النواب اتهامات بالخيانة لظريف، هاجمه أنصار الأصوليين الجدد في طهران ووصفوه بنعوت مختلفة |
---|---|
هناك بالطبع مؤيدون لردود صارمة على الأنشطة التدميرية للإمبريالية العالمية التي أعيد إحياؤها، والإملاءات الوحشية للولايات المتحدة الأمريكية، وتقسيم العالم إلى كتل متصارعة، وهو ما يهدد بأزمات خطيرة ليس فقط لإيران وإنما للمنطقة برمّتها | وبالطبع، لن يكون بالإمكان اليوم الحصول على رد سليماني بهذا الشأن |
أما في تعليقه بشأن تقديم استقالته بعد زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى إيران قبل نحو أربعة أعوام، فقال ظريف إنه رتب للزيارة مع سليماني، ولكن عندما حضر ضيف إيران السوري لم يكن هو على علم بذلك.
4فاشتعال هذا البرميل لن يكون في مصلحة أي من هذه الشعوب | وإنما كل ما في الأمر أن كيري ربما أطلع ظريف على هذه المعلومات في أحد الأحاديث الجانبية كزلة لسان أو بطريقة غير مقصودة أو أنه تعمد إخباره بذلك بهدف إحداث نوع من الفتنة الداخلية بين فرعي السلطة الإيرانية المدني والعسكري لأن تلك المعلومات كانت صادمة نوعاً ما لظريف ولم يكن يعرفها من قبل بحسب التسجيل المسرّب |
---|---|
وبالتالي فإن التسريبات تنكر سياسة القيادة الإيرانية، وتحرمها من شرعيتها الجوهرية واستدامتها في توقيع معاهدات دولية بهذا الحجم والأهمية | في الحالة الراهنة، ووفقاً للتسريبات، يتم تصوير الموقف من الصفقة داخل إيران نفسها على أنها صراع بين "الحمائم" و"الصقور"، بين المعتدلين، ممن يعتبر الغرب من بينهم الوزير ظريف والرئيس الإيراني، حسن روحاني، وبين المتشددين، ومن بينهم، بطبيعة الحال، الحرس الثوري الإيراني، والمرشد الأعلى للثورة الإسلامية، ورأس هرم النظام السياسي للدولة الإيرانية، علي خامنئي |
كما وجهت وسائل الإعلام التابعة للمتشددين أصابع الإتهام إلى آشنا، ملمحة لتورطه في هذا الملف.
12